التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
العرب في الخلافة الأموية كانوا العنصر الأبرز في الجيوش الإسلامية الفاتحة، وقد حافظت القبائل العربية في الكوفة والبصرة والفسطاط على تقاليدها القبلية
العرب والبلاد المفتوحة
خرجت الجيوش الإسلامية لفتح كثير من البلاد التي كانت خاضعة للدولتين البيزنطية والفارسية، وكانت هذه الجيوش تمثل عناصر من معظم القبائل العربية، ولما تمَّ النصر للعرب المسلمين ودانت لهم الأمصار بدأت مرحلة الاستقرار في حياة العرب، وتمثلت هذه المرحلة في بناء المدن مثل: البصرة والكوفة والفسطاط، وكانت هذه المدن في بداية أمرها معسكرات للجند العرب، فكان العرب يقيمون في معسكراتهم الجديدة إلى زمن الربيع فيسرحون بخيولهم إلى المراعي في القرى حيث يرعاها الأتباع والموالي، وقد اشترط عمر بن الخطاب t في بناء المدن الجديدة ألاَّ يبنوها في مكان يحول بينه وبين المدينة المنورة ماء، كما حرص على عدم اختلاط المجاهدين بأهالي البلاد الأصليين، وكان عمر يدرك تماما أن سُكنى المدن تؤدِّي إلى اختلاط الأنساب؛ مما يؤدي إلى ضعف الجنس العربي.
وقد أذن عمر t في آخر خلافته لجنده العرب أن ينتشروا في البلاد المفتوحة، وفي عهد عثمان بن عفان t طاب للعرب الإقامة بالأمصار، واقتنوا الأرض والضياع وتحولت المعسكرات إلى مدن عامرة، وتعلم العرب الزراعة وسائر المهن وتطوروا من سكن الخيام إلى سكن القصور، وكان العرب في بداية استقرارهم بالأمصار قلة بالنسبة للسكان الآخرين؛ ولذا انصرف هم العرب إلى الاستكثار بالتناسل؛ فاستكثروا من أمهات الأولاد فضلاً عن الزوجات، وتسابقوا إلى امتلاك الجواري وأسرفوا في التسري.
العرب والحضارة
حافظت القبائل العربية التي أقامت في مدن منفصلة كالكوفة والبصرة والفسطاط على تقاليدها القبلية لفترة طويلة، أما تقاليدهم الحضرية الاجتماعية فقد تكونت تدريجيًّا فسرعان ما بدأ العرب يرتقون سُلَّم الحضارة حتى بلغوا ذروتها، وكان ذلك نتيجة البيئة الجديدة التي عاشوا فيها ونتيجة استعداداتهم الفطرية، فقد حتَّمت البيئات الجديدة على العرب الاختلاط بغيرهم من عناصر السكان الأصليين فاختلطوا مع فلاحيهم في أرضهم، وفي المدن مع أرباب المهن المختلفة، وفي الجيش حيث كانت هذه العناصر تقوم بإنشاء الطرق وإقامة الخيام، وفي السبي حيث أقبل العرب على امتلاك الجواري والإماء اللاتي اتخذوهنَّ للتسري والإنجاب، وكان هؤلاء الإماء والجواري عاملاً مهمًّا في نقل الحضارة إلى بيوت العرب وتعليمهم أرقى أنواع الطعام والملابس، فضلاً عن الغناء والموسيقى ووسائل الترف.
انتقل عرب الأمصار من البداوة إلى الحضارة، واتخذ هذا التقدم صورًا شتّى؛ ففي فن البناء اقتبسوا نظم الفرس والرومان وزادوا عليها ما يُناسب بيئتهم وذوقهم، حتى صار نظام البناء العربي يفوق نظامي البناء الفارسي والروماني، فقد امتازت العمارة العربية بالأعمدة والمنحنيات والمآذن والقباب، وهي تماثل النخيل وهي أعز شيء عند العرب، ونالت الثقافة العربية تقدمًا سريعًا ملحوظًا، كما تأثر العرب بأنواع الثقافات السائدة في الأمصار المفتوحة من قبل، على أن العرب -وإن اقتبسوا بعض معالم الحضارة عن الفرس والرومان- قد استقلوا بشعرهم وآدابهم وقضائهم وتشريعهم، بل فرضوا لغتهم العربية، وأضعفوا اللغات الفارسية واليونانية واللاتينية.
التعليقات
إرسال تعليقك