ملخص المقال
كن زهرة للأمل مقال بقلم ثامر سباعنه يوضح أن أمتنا الإسلامية مع ضعفها وهوانها تمتلك مقومات كثيرة، فما هي؟ وماذا يجب علينا نحو أمتنا؟ وما دور زهور الأمل؟
يكثر الحديث هذه الأيام عن حال أمتنا وما وصلت إليه من ضعف وهوان وذل؛ فأرضها مستباحة لأعدائها، وخيراتها مسروقة، حتى إن المسلمين ملاحقون في كل أرض ما بين متهم بالإرهاب أو ملاحق بتهمة التشدد.. الحجاب ممنوع في عددٍ ليس بالقليل من دول أوربا، وحتى بعض الدول العربية، والعمل الخيري محظور على الجمعيات الإسلامية ومسموح للتبشيرية!!
لن أتحدث في هذا المقال عن أوجاع أمتنا الإسلامية، فقد تحدثت وتحدث الكثيرون غيري عن هذا، ولا يكفي أن نعلم مكمن الألم والوجع في أمتنا الإسلامية وما تعانيه من أمراض، لكن يجب علينا أن نضع أيدينا على الدواء، وأن نعيد لأمتنا ثقتها بنفسها؛ لتنثر عنها غبار الذل وتنهض من جديد، وترسم للعالم كله طريقه نحو العيش الرغيد، وتعود أمتنا منارةً يُستنار بها كما كانت في الماضي.
زهور الأمل:
لا شك أن طريق النجاح والأمل ليس سهلاً ميسورًا.. ليس مفروشًا بالورود والرياحين، ولكنه دائمًا يكون محفوفًا بالأشواك. والذين حققوا نجاحات وإنجازات أبهرتنا وأبهرت البشرية، لا شك أنهم تعبوا وصبروا وواصلوا الليل بالنهار؛ فالنجاح لا يأتي عادة إلا بعد صراع مرير وصبر طويل..
الصبر هو سفينة النجاح التي يمتطيها الناجحون، هو الإصرار على تحقيق الأهداف المنشودة مهما كانت العقبات والتحديات.
مقومات الأمة الإسلامية
إن أمة تمتلك ما تمتلكه أمتنا الإسلامية لا بد أن تسود العالم؛ لما يلي:
أولاً: تمتلك أمتنا القوة الروحية:
فالإسلام آخر الرسالات السماوية، الرسالة الوحيدة التي لم يطلها التبديل أو التغيير، هي الرسالة الخالدة، رسالة محمد r. والإسلام هو الدين الوحيد النقي البعيد عن التحريف والتزوير، والذي تمتلئ آياته بالحث على العمل والثبات والإنتاج والإبداع، قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105]. ويقول رسولنا الكريم r: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه". فالدين الإسلامي دين عمل وإبداع، وهو الدين القادر فعلاً أن يغيِّر للأفضل.
ثانيًا: القوة العددية:
فالأمة الإسلامية يصل تعدادها -كما هو مُعلَن- إلى مليار وخمسمائة وثمانين مليونًا، أي ربع سكان العالم، وفي أوربا بالذات فإن عدد المسلمين هنالك يزداد بشكل ملحوظ، وكذلك عدد المسلمين في أمريكا 8 ملايين، والنسبة تتزايد بدرجة كبيرة.
وعدد المسلمين في قارة أوربا 30 مليون مسلم، في فرنسا 5 مليون فقط، ويتوقع أن يتزايد العدد في فرنسا فيصبح 20 مليونًا بحلول عام 2020م.
ويتوقع الباحث الروسي د. بيلو أن عدد المسلمين في بلدان أوربا الغربية والولايات المتحدة سيتزايد بشكل كبير جدًّا، وعدد المسلمين في روسيا 13 مليون شخص في عام 2002م أي بنسبة 9% من السكان، وفي دراسة أنه في عام 2050م احتمال سيصل نسبة المسلمين 50%!! و في ألمانيا عدد المسلمين 1.7 مليون مسلم، واحتمال أن يصل العدد إلى 5 مليون خلال السنوات العشر القادمة.
وهذه الأعداد كلها تشير إلى انتشار الإسلام انتشارًا كبيرًا في جميع أنحاء العالم، وأهمية التفات دعاة الإسلام لهذا التنامي وترشيده، وتوجيه المسلمين نحو العقيدة الصحيحة وانتهاج طريق السلف والالتزام الحق بشعائر الدين. وقد توقع المفكر والداعية الإسلامي السعودي الدكتور عوض القرني بأن تصبح القارة الأوربية "قارة إسلامية".
وطبعًا هذه الأعداد الكبيرة من المسلمين في أنحاء العالم تعطي مؤشرًا على سرعة انتشار الدين الإسلامي، وعلى الدور المهم والحساس الذي سيصل إليه المسلمون بعد حين.
ثالثًا: القوة الاقتصادية:
فالبلاد الإسلامية تمتلك من الخيرات ما لا يتوفر في أي منطقة أخرى؛ فالبلاد أغلبها زراعي، والشواطئ غنية بأنواع الأسماك من مختلف أنواعها، والأنهار منسابة في كل مكان، والنفط موجود في أغلب دولها، والمعادن بكل أصنافها من ذهب وحديد وفضة ويورانيوم.. إن الدول الإسلامية تمتلك العديد من المقومات الاقتصادية كالثروات الطبيعية والموارد البشرية الكبيرة التي تمكنها من تكوين هياكل إنتاجية ضخمة وسوق واسعة لتبادل منتجات العمل، وتكوين مراكز مالية عالمية للتمويل والاقتراض والاستثمار، وجغرافيًّا تمتلك مساحات شاسعة تعادل سدس مساحة العالم تمتد فوق أربع قارات من ألبانيا في أوربا شمالاً إلى موزامبيق في إفريقيا جنوبًا وغربًا من قيانا في أمريكا اللاتينية إلى إندونيسيا في آسيا شرقًا.
وتمتلك الدول الإسلامية حوالي 73% من الاحتياطي العالمي من النفط، وتنتج 38.5% من الإنتاج العالمي، كما تمتلك حوالي 40% من الاحتياطي العالمي من الغاز الطبيعي، والأمر الملاحظ في هذا المجال أن 90% من صادرات هذه المواد تتم كمادة خام غير مصنعة.
إن الأمة الإسلامية تمتلك مقومات الثبات والنصر، لكنها لم تستطع تسخير هذه الإمكانات لتقود العالم، إنما وُضعت هذه الخيرات بيد الاستعمار في الماضي، والآن تُسخر هذه الخيرات بيد أعداء الأمة.
إضافةً إلى ضرورة وجود صناعات في كل المجالات، وعدم الاكتفاء بالاستيراد بدل التصنيع؛ "فهنالك فرق كبير بين من يصنع ومن يستهلك، بين من ينتج ومن يستورد، من يوجد ومن يشتري".
رابعًا: القوة الحضارية:
الحضارات -كما يذكر الدكتور يوسف القرضاوي- قامت على أرض الدول الإسلامية، نشأت في بلاد الإسلام وقامت عليها، وكذا النبوءات كلها قامت في أرض الإسلام؛ المسيحية من أرضنا انطلقت إلى أوربا لتُحرَّف هناك، واليهودية انطلقت من أرضنا أيضًا، الحضارة الآشورية كانت في العراق، الحضارة الفرعونية كانت في مصر، والحضارة الهندية... وغير ذلك من الحضارات التي كانت بلاد الإسلام موطنًا لها. وهذا يُكسب أرض المسلمين بُعدًا ثقافيًّا حضاريًّا دينيًّا غير موجود في أرجاء المعمورة.
خامسًا: القوة الجغرافية:
فموقع بلاد المسلمين التي تتوسط العالم وتسيطر على كافة الطرق البرية والبحرية والجوية، مما يجعلها تكتسب أهمية كبيره لطرق التجارة والحرب، بالإضافة للاتصال والتواصل بين العالم أجمع.
أمة الإسلام يا أمة القرآن، قد تكون الجراح والآلام تنهش جسدك لكنكِ لم تموتي.
قد تكون أرضك ومقدراتك قد أصبحت بيد أعدائك، لكنك لم تستسلمي ولم ترفعي الراية البيضاء.
فمقومات القوة موجودة، ولن ننسى قول الرسول عليه الصلاة والسلام: "الخير في وفي أمتي إلى يوم الدين"[1].
كن زهرة للأمل:
أخي المسلم أختي المسلمة.. لا يكفي أن نتعرف على مكامن الضعف في أمتنا، إنما علينا أيضًا أن نبحث عن مكامن القوة والمنعة، وأن نعمل على إحيائها، وأن نكون زهورًا ننشر الأمل في عبقنا؛ ليعم الكون، وليكون لنا بصمة في الغد.
التعليقات
إرسال تعليقك