جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
يعد الصومال مطمعا للقوى الغربية نظرا لأهميته الجيوسياسية والإستراتيجية.. فما الأخطار والمخططات التي تهدد أرض الصومال؟
كشف الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوجلو، الأحد (1-1-2012م)، عن مبادرة للمنظمة تهدف إلى تحقيق المصالحة الوطنية في الصومال.
خبر أسعدنا كثيرًا؛ وهي خطوة طالما تمنيناها طويلاً، ودعا إليها مرارًا وتكرارًا علماء الدين في الصومال، في ظل المخاطر التي تحيق بهذه الدولة، وتهدد بمفارقتها الحضن العربي والإسلامي.
أوجلو أوضح أن هذه المبادرة تأتي بالتوازي مع الجهود الإنسانية الحثيثة التي بدأتها منظمة التعاون الإسلامي في الصومال منذ مطلع أغسطس الماضي، مشيرًا إلى أن هذه الجهود دخلت مرحلة التعافي عبر حفر قرابة 700 بئر ماء صالح للشرب بتكلفة 85 مليون دولار في أكبر عملية حفر آبار يشهدها هذا البلد في تاريخه.
جهود مباركة بلا شك، وستكون موفقة إن توفر فيها الإخلاص والنية الصادقة، وغلّفتها الرؤية الحكيمة والواعية والمدركة لحقيقة ما يجري على أرض الصومال من مؤامرات ومخططات تحيكها قوى الشر الاستعمارية.
فخطر التشيع بدأ ينسج خيوطه في مفاصل هذا البلد، وبات يهدد هويته. وفي سياق إرساء دعائم المحطة الأولى نحو تشييع الشعب الصومالي المنكوب، وتعكير صفو هذا البلد، الذي يُعرف بأن سكانه 100% مسلمون من أصل السنة - افتتحت مؤسسة الخميني للإغاثة الإنسانية التابعة للحكومة الإيرانية مكتبًا لها في العاصمة الصومالية مقديشو، وذلك في شهر نوفمبر الماضي.
وتعد هذه المؤسسة المعروفة أيضًا باسم "لجنة إمداد الإمام الخميني" واجهة لحملات التشيُّع التي تجتاح مختلف أصقاع العالم، لا سيما الدول الإفريقية التي تنشط فيها إيران بقوة.
وبحسب الخطوات المدروسة لمشروع التشيع الصفوي، عادةً ما تقوم هذه المؤسسات بالتدخل في بلد ما تحت ذريعة مساعدة المحتاجين، وفي إطار ذلك تقوم بإنشاء مرافق تعليمية، وتشييع الجيل الأول من مرتادي هذه المرافق، وإعدادهم بحيث يكونون نواة للتشيع في هذا البلد.
وعملاً بهذا النهج -على ما يتضح جليًّا- أنشأت مؤسسة الخميني مؤخرًا مدرسة للتعليم الحرفي خاصة للبنات في منطقة "حمروين" جنوب العاصمة مقدشيو. ولاختيار هذه المنطقة سبب واضح للعيان؛ فهي تشتهر بالكثافة السكانية العالية، فضلاً عن احتضانها مواقع أثرية تعود إلى الحكم الفارسي.
وبخلاف الخطر الشيعي، بدأ خطر التفتيت يهدد بقوة هذه الدولة المسلمة، وبدأت ملامحه واضحة من خلال دعوات للانفصال صدرت من بعض الولايات الإقليمية.
أيضًا هناك خطر التبعية السياسية والإدارية لدول الجوار، وخصوصًا إثيوبيا، التي تبذل جهدًا جهيدًا لجعل الصومال كيانًا يدور في فلكها؛ إما لتحقيق مصلحتها الخاصة أو لتحقيق مصالح دول أخرى تحظى بتأثير قوي لديها، وأخصُّ هنا الكيان الصهيوني.
كما يعد الصومال مطمعًا للقوى الغربية؛ نظرًا لأهميته الجيوسياسية والإستراتيجية؛ فهو بوابة لشرق إفريقيا، ويطلّ على مدخل البحر الأحمر، ويمكن لمن يسيطر عليه التحكم فيما يجري على الساحة السياسة الدولية عمومًا، وعلى الأخص الشرق الأوسط، ما يضمن أمن الكيان الصهيوني على حساب الشعوب العربية والإسلامية.
كما يبدي الغرب خشيته من أن تصبح منطقة شرق إفريقيا بؤرة لانتشار ما يسميه بـ"الأفكار المتطرفة"، وهو ما قد يأتي على حساب مصالحه في هذه المنطقة.
هذه التحديات التي تواجه الصومال وتهدد بغيابه عن محيطة العربي والإسلامي تستدعي التدخل العربي الإسلامي، لكن ليس بهذا الشكل العابر من قبل جهة أو أخرى، وإنما من خلال خطة متكاملة تتبناها الجامعة العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامية، وتتضافر فيها كافة جهود الدول العربية والإسلامية للخروج بهذا البلد العربي من النفق المظلم الذي يرزح فيه منذ انهيار نظام سياد بري في عام 1991م.
على أن تشتمل هذه الخطة على عدة محاور منها: تحقيق المصالحة الحقيقية بين كافة أطياف الشعب الصومالي، وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس سليمة، وإصلاح الأوضاع السياسية والاجتماعية، فضلاً عن برنامج تنموي متكامل للاقتصاد الصومالي باستثمارات عربية وإسلامية.
يكفي أكثر من 20 عامًا من التدخلات الغربية "المؤدلجة" و"المسيسة" التي يقف خلفها من يدعون "الصداقة"، وهم يعملون فقط من أجل مصالحهم الخاصة؛ لذلك لم ولن تفلح جهودهم إلا في تأزيم المسألة الصومالية.
ألم يحن الوقت بعد لتلبية النداء الذي وجهته هيئة علماء المسلمين في الصومال مؤخرًا، والذي طالبت فيه الدول العربية والإسلامية بالقيام "بدور قيادي في إيجاد حل للأزمة الصومالية، وأن لا يقفوا بعيدين عن هذا الملف الذي اهتم به القاصي والداني"؟!
على وسائل الإعلام في العالمين العربي والإسلامي أيضًا ألا تُدير ظهرها لما يحدث في الصومال وكأنه جزء لا يعنينا، عليها أن تكشف للقارئ حقيقة المخططات والمؤامرات الاستعمارية التي تستهدف هذا البلد العربي المسلم وخاصة المخططات الصهيونية والإيرانية، عليها أن تزيل اللبس وتوضح للقارئ حقيقة ما يجري على أرض الصومال.
وأخيرا على مسئولي الدولة في الصومال أن يكونوا على قدر المسئولية، وأن يتحملوا الواجب المنوط بهم في حماية مصالح الشعب الصومالي، الدينية والوطنية والتنموية. وعلى علماء الأمة في الدول الإسلامية أن تتضافر جهودهم في سبيل تقديم النصيحة للشعب وللقادة في الصومال وبيان الحق لهم.
المصدر: شبكة رسالة الإسلام.
روابط ذات صلة:
- فلتسع بشدة ساقيك إلى الصومال
- الصومال .. والمخرج من ورطة الدماء
- الرسول صلى الله عليه وسلم والصومال
التعليقات
إرسال تعليقك