ملخص المقال
من المعلوم أن حزب الله هو الذراع الطويلة لإيران والنظام السوري، ومن هنا فما يقوم به من أعمال هو لأهداف سياسية خالصة وليس من أجل فلسطين
في أوقات سابقة وبسبب أحداث معينة كان البعض يسألني عن الفتن التي تحل بالمسلمين وما هو المخرج منها، وكان جوابي: إن ما تذكرونه ليس من الفتن؛ لأن الحق فيها واضح والباطل واضح، والفتنة هي عندما تلتبس الأمور على الناس، فلا يدرون أين الصواب وأين الخطأ، وعندما تفجأهم الأحداث وتتملكهم الحيرة. إن ما يجري اليوم في لبنان هو من هذه الأحداث، وهو من الفتن.
وقبل أن أوضِّح السبب وأبيِّن اختلاط الأمر على الناس في هذه الحادثة، لا بد أن نقول: إننا مع مقاومة العدو الصهيوني في كل مكان وكل زمان، بل كل مسلم يرى هذا حتى لا يزايد علينا المغرضون أو العاطفيون السُّذَّج، كما أن ما نقوله ليس مجاراة لدولة من الدول، ولكنه تبيان للحقيقة كما نعتقدها.
فمن المعلوم أن حزب الله هو الذراع الطويلة لإيران والنظام السوري، فهل ما يقوم به من أعمال هو خالص لأجل فلسطين أم لخدمة أهداف سياسية تريدها إيران وسورية؟ إن إيران وعملاءها يمزِّقون العراق ويذبحون أهل السنة، فهل هذا لمصلحة فلسطين؟ والنظام السوري الذي ذبح الفلسطينيين في تل الزعتر يعمل لمصلحة فلسطين؟ وهل حماية الحدود في الجولان فلم تطلق رصاصة واحدة خلال أربعين سنة هو لمصلحة فلسطين؟! وأما احتضانه لحماس فلأن (حماس) تعتبر ثروة بالنسبة له يبرهن بها على قوته، وأنه لاعب رئيس في المنطقة. ومن الملاحظ أنه كلما كانت حماس في الداخل تميل إلى تسوية وحل المشكلة مع العدو، كان خالد مشعل -وبضغط من إيران- يطلق التصريحات النارية فتفشل هذه المساعي؛ ذلك لأن إيران لها مخططاتها الخاصة بها في المنطقة العربية.
كيف نوفق بين تظاهر إيران بالحرص على القضية الفلسطينية، وهي التي ساعدت أمريكا في احتلال أفغانستان والعراق، يقول (بريمر) حاكم العراق السابق في مذكراته: "شجع السيستاني أتباعه على التعاون مع الائتلاف منذ التحرير". وأكد بريمر أنه كان على اتصال دائم بالسيستاني للاستفادة منه في السيطرة على الشعب العراقي، وكان الوسطاء بينه وبين السيستاني موفق الربيعي وحسين الصدر وعادل عبد المهدي.
وربما يقول قائل: كيف نوفِّق بين خدمة إيران لأمريكا وبين تشجيعها لحزب الله في ضرب إسرائيل؟
والجواب: إن إيران لها أهدافها الخاصة أيضًا، وعندها مشاكلها مثل قضية المفاعل النووي، وهي تريد الهيمنة على العراق وتريد حصة من البترول، وعندما تحرِّض حزب الله على ضرب إسرائيل فإنما تريد خلط الأوراق، وتقول لأمريكا: نحن نستطيع قلب الطاولة، فلا بد من إعطائنا حصتنا في المنطقة. والنظام السوري يفكر في الرجوع مرة ثانية إلى لبنان عن طريق حزب الله الذي اكتسب شهرة بعد هذه الأحداث، ولا أحد يستطيع أن يطالب بنزع سلاحه منه كما هو متداول في جلسات الحوار اللبناني، ومن يتكلم على حزب الله سيوصم بالخيانة والتخاذل، والنظام السوري عنده مشكلة في قضية التحقيق في مقتل الحريري، وأمريكا الآن تطلب منه أن يساعدها في إسكات حزب الله، وبذلك يكون أدخل نفسه كطرفٍ يُحسب حسابه في المنطقة، وأنه قوة إقليمية يجب ألاَّ تهمل، وأنه يستطيع تخريب المنطقة كما هدَّد قبل أشهرٍ رئيس النظام.
إنها فتنة.. كيف نقنع الناس أن ما يقوم به حزب الله تدمير للبنان مقابل خدماته لإيران ولا يجد غضاضة في ذلك، وإذا لم تصلح حكومة السنيورة هذا الخراب فستطالَب بالاستقالة وهو المطلوب من سورية، وكانت صحيفة (هآرتس) بتاريخ 6/7/2006م قد امتدحت الأمين العام لحزب الله بسبب عقلانيته وتحمله للمسئولية، وأنه حافظ على الهدوء في الجليل الأعلى بشكل أفضل من جيش لبنان الجنوبي، وها هو اليوم يتعقل فلا يضرب المنشآت الحيوية لإسرائيل كما صرح بذلك.
إنها فتنة.. كيف نقنع ليس عموم الناس بل المثقفين الذين لا يقرءون التاريخ، أنها لعبة إيرانية سورية؟ فالدكتور بشير نافع يكتب عن الفارق الكبير بين الوضع العربي الإسلامي لحزب الله والتيار الصدري وبين جماعة المجلس الأعلى..!! والتيار الصدري الذي يمدحه الدكتور بشير هو الذي يهدم المساجد في العراق ويذبح أهل السنة، كما صرح المتحدث باسم هذا التيار. وستكشف الأيام من هو الحريص على فلسطين، وعلى كل الأراضي الإسلامية المحتلة من قبل الأعداء.
د. محمد العبدة
المصدر: موقع طريق الإسلام.
التعليقات
إرسال تعليقك