جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
دولة الشيعة بلبنان تعيد أجواء الحرب الأهلية مقال بقلم خالد مصطفى، يحلل الأحداث المشتعلة في لبنان.. فما حقيقة دولة الشيعة في لبنان؟ وهل تدفع لبنان ثمن
في وقت تشتعل فيه الأحداث في سوريا ويوشك نظام الأسد على الزوال، تقف حكومة لبنان موقفًا مخزيًا من ثورة الشعب السوري؛ بسبب تسلط الشيعة عليها وخوفها من سلاح حزب الله, ورغم ذلك أَبَى الشيعة بقيادة حزب الله إلا أن يجروا البلاد إلى صراع دامٍ أعاد أجواء الحرب الأهلية التي شهدتها لبنان في منتصف السبعينيات وحتى أوائل التسعينيات من القرن الماضي والتي أكلت الأخضر واليابس، وما زالت ذكراها المؤلمة تعيش في وجدان اللبنانيين.
لقد ظهرت حقيقة سلاح الشيعة في لبنان مرة أخرى للعيان، لتكشف أن الشيعة أصبحوا دولة داخل الدولة غير مدركين لحجم الاستفزاز الذي يصيب بقية الطوائف جرَّاء هذا الوضع العجيب، والذي باركته لسنوات طويلة سوريا الأسد ودعمته إيران بالمال والعتاد..
في تصرف مفاجئ شنَّت مليشيات شيعية مسلحة حملة لخطف الرعايا السوريين اللاجئين في لبنان هربًا من مجازر نظام الأسد، وتعدى ذلك لخطف مواطن تركي والتهديد بخطف رعايا خليجيين خصوصًا من السعودية؛ مما دعا السلطات الخليجية لإجلاء مواطنيها من لبنان، ووصل الأمر أن قطعت المليشيات الشيعية طريق المطار؛ حتى تمنع رعايا هذه الدول من الوصول إليه وتحتجزهم في البلاد ليكونوا فريسة لها. ومع تصاعد الأحداث ووقوف الحكومة اللبنانية موقف المراقب دون تدخُّل حاسم، خرجت أصوات سياسية ودينية لبنانية منددة بهذا العبث، ومهددة بإشعال حرب أهلية في البلاد.
جاءت هذه الأحداث في أعقاب تفجُّر فضيحة بكل المقاييس، وإن كانت معتادة في لبنان، وهي اعتقال وزير سابق مناصر لحزب الله ولسوريا؛ بسبب اتهامه بالتخطيط لتفجيرات في مناطق "مسيحية" لإشعال حرب بين المسلمين والمسيحيين في لبنان؛ لصرف الأنظار عما يحدث في سوريا، وهو المخطَّط الذي دأب النظام السوري على استخدامه في لبنان كلما تعرض لمأزق، ولكن هذه المرة لن تكون مجرد مناوشات بل حرب حقيقيّة, وأعلنت أجهزة التحقيق أن الوزير السابق تم تصويره بالصوت والصورة وهو يستلم ويسلِّم المتفجرات, ولولا أن القضية مُحكمة ما أقدمت الحكومة الخائفة من حزب الله على اعتقال الوزير، وهو ما يثير المخاوف حول عمليات أخرى لأشخاص أقل درجة يخططون لتنفيذها في لبنان، وقد تكون بعيدة عن أعين أجهزة الأمن حتى الآن.
والسؤال: هل تدفع لبنان بسبب حزب الله ثمن انهيار نظام الأسد؟
إن التصريحات التي أطلقتها المليشيات المسلحة الشيعية في لبنان عقب اختطاف السوريين والممارسات التي قامت بها وكيفية رد فعل الحكومة، يؤكد أن الوضع اللبناني على شفا الانفجار، خصوصًا أن الطوائف الأخرى ومنذ وقت طويل تتحدث عن اختطاف الدولة عن طريق سلاح حزب الله، وتحذر من تداعيات ذلك، وتلمح إلى إمكانية العودة للتسليح مرة أخرى..
طول أمد الصراع في سوريا نتيجة لتخاذل القوى الدولية، وتردُّد الكثير من الدول المجاورة عن دعم ثورة الشعب السوري - أعطته فرصة لنقل الصراع إلى مناطق أخرى، وقد تمنحه الفرصة أيضًا من أجل تقسيم البلاد على أساس طائفي.. وما يبعث على الارتياح أن النظام بدأ في التآكل من الداخل، وأن المعارضة استطاعت أن تحقق اختراقات كبيرة في الدائرة المحيطة بالأسد، لكن الدعم الخارجي للأسد من إيران وروسيا ما زال يشكِّل عقبة أمام انهيار النظام، مع تغاضي الغرب عنه وكأنه يسعى لحل معيَّن في سوريا يُرضي أطماعه، خصوصًا مع خروج دول الربيع العربي من بين يديه ووصول الإسلاميين للحكم فيها، وهو ما لا يتقبله في سوريا على ما يبدو حتى الآن، وقد يكون للأمر علاقة بالصفقات المبرمة مع طهران حول تقسيم النفوذ في المنطقة.
المصدر: موقع المسلم.
التعليقات
إرسال تعليقك