د. راغب السرجاني
المشرف العام على الموقع
طبيب ومفكر إسلامي، وله اهتمام خاص بالتاريخ الإسلامي، رئيس مجلس إدارة مركز الحضارة للدراسات التاريخية بالقاهرة، صاحب فكرة موقع قصة الإسلام والمشرف عليه، صدر له حتى الآن 58 كتابًا في التاريخ والفكر الإسلامي.
ملخص المقال
السفر من الأمور المحبَّبة لكثير من الناس، وكما هو معلوم له فوائد عديدة عدَّها الإمام الشافعي رحمه الله خمسة، وقد قيل: في السفر سبع فوائد. والمؤكَّد أنَّ
السفر من الأمور المحبَّبة لكثير من الناس، وكما هو معلوم له فوائد عديدة عدَّها الإمام الشافعي رحمه الله خمسة، وقد قيل: في السفر سبع فوائد. والمؤكَّد أنَّ فوائده في وقتنا هذا قد تتجاوز أضعاف هذا العدد.
والسفر في الإسلام له مكانة كبيرة فقد يكون في ذاته عبادة وليس مجرد وسيلة ترفيه كما يظن البعض، فإن كان سفرًا لحج أو عمرة، أو النظر والاعتبار في آلاء الله ودقَّة صنعه وتَدَبُّرِ آثار الأمم السابقة، وقد حثَّ عليه ربُّ العزَّة في كتابه الكريم في أكثر من موضع، حيث يقول سبحانه وتعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} [العنكبوت: 20]. وقال جلَّ وعلا: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [الأنعام: 11]. وقال سبحانه وتعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك: 15].
بل مدح الله تعالى المسافرين في قوله: ﴿فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [المزمل: 20]، وقدَّم المسافرين طلبًا للرزق والكدِّ في تحصيله على المجاهدين في سبيل إعلاء راية الإسلام، ونشر الإسلام في ربوع الأرض.
وتتعدَّد أسباب سفر المسلم؛ فهو يسافر لأداء الحج والعمرة، أو لطلب العلم، أو للسعي وراء الرزق، أو لزيارة قريب أو صديق، وغير ذلك..
وليكون السفر محمودًا وخالص القصد لله، وتكمل الاستفادة من ورائه، فيجب على المسافر أن يتحلى ببعض الآداب فيه.
بعض آداب السفر
الإكثار من الدعاء
للمسافر دعوة مستجابة؛ فلا ينبغي التفريط فيها، روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لاَ شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ المَظْلُومِ»[1].
دعاء نزول المنـزل
قد يحتاج المسافر إلى النـزول من السيارة، للنوم، أو الأكل، أو قضاء الحاجة، وقد يكون النزول في أماكن فيها من الهوام والسباع والشياطين ما يمكن أن يضرنا، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما روت خولة بنت حكيم السُّلمية رضي الله عنها: «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ. لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ، حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ»[2].
استحباب الاجتماع عند النـزول
لِمَا رواه أبو ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: كان الناس إذا نزلوا منـزلًا تفرَّقُوا في الشعاب والأودية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ تَفَرُّقَكُمْ فِي هَذِهِ الشِّعَابِ وَالأَوْدِيَةِ، إِنَّمَا ذَلِكُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ». فلم ينـزل بعد ذلك منـزلاً إلاَّ انضمَّ بعضهم إلى بعض، حتى يُقال: لو بُسط عليهم ثوب لعمَّهم[3].
الاجتماع على الطعام
لا تأكل بمفردك، إنما احرص على الاشتراك مع الآخرين؛ وهذا يُحَقِّق لك عدَّة فوائد؛ منها أنه تحصل به البركة والزيادة؛ فقد قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له يومًا: يا رسول الله؛ إنا نأكل ولا نشبع. قال: «فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ؟» قالوا: نعم. قال: «فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ»[4]. ومنها أنه يحدث به إيناس وألفة بين المسافرين، وهذا يُلَطِّف السفر، ويُهَوِّن مصاعبه.
بعض رخص السفر[5]
من قواعد الشريعة (المشقَّة تجلب التيسير)؛ ولمـَّا كان السفر قطعة من العذاب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ[6]، فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ»[7]. رتَّب الشارع ما رتَّب من الرخص، حتى ولو فُرِضَ خُلُوُّه عن المشاقِّ؛ ومن هذه الرخص ما يلي:
1- القَصْر؛ وليس للقصر من أسباب غير السفر؛ ولهذا أُضيف السفر إلى القصر لاختصاصه به، فتُقْصَر الرباعية من أربع إلى ركعتين[8].
2- الجَمْع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في وقت إحداهما: والجمع أوسع من القَصْر، ولهذا له أسباب أُخرى غير السفر: كالمرض، والاستحاضة، والمطر، والوحل، والريح الشديدة الباردة.. ونحوها من الحاجات، والقَصْر أفضل من الإتمام، بل يُكره الإتمام لغير سبب، وأمَّا الجمع في السفر فالأفضل تركه إلاَّ عند الحاجة إليه، أو إدراك الجماعة، فإذا اقترن به مصلحة جاز[9].
3- الفطر في رمضان[10].
4- المسح على الخفين، والعمامة، والخمار.. ونحوها، ثلاثة أيام بلياليهن؛ لحديث علي بن أبي طالب t قال: «جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلمُقِيمِ»[11].
5- ترك صلاة النوافل، ولا يُكره له ذلك، مع أنه يُكره تركها في الحضر، ويُستثنى من ذلك نافلة الفجر وصلاة الوتر، فتُصَلَّى حضرًا وسفرًا [12].
نصائح قبيل السفر مباشرة
وهناك نصائح مفيدة بإذن الله لكل مسافر، فإذا تحدَّد موعد السفر، فعليك بالأمور التالية في الأيام التي تسبق السفر:
الوصية
أنت ذاهب في رحلة طويلة لا تعلم هل ستعود منها أو لا تعود.. استشعر هذا الشعور جيدًا، واكتب وصيتك، وأَشْهِد عليها، وخاصة في أمور المال والحقوق، وإيَّاك أن تُخالف الشرع في وصايتك، وسجِّل بدقَّة في وصيتك الديون التي لك أو عليك.
رد الودائع
إمَّا أن تَرُدَّها قبل سفرك، أو تُوصي أحدًا بردِّها إن حدث لك شيء.
أعمالك: حدِّد خطة العمل والمسئوليات المختلفة في كل أمر كنتَ تُديره قبل سفرك؛ وذلك حتى تضمن حُسن جريان العمل في غيابك، وعدم حدوث شحناء أو بغضاء بين العاملين معك، وافعل الشيء نفسه في الأعمال الخيرية التي تُسهم فيها؛ مثل الجمعيات الخيرية، أو مجالس إدارة المساجد، أو النوادي.. أو غيرها.
رد المظالم المالية والمعنوية
لا تترك لأحد حقًّا له عندك، حتى لو كنتَ تشكُّ في هذا الحقِّ؛ بل اذهب إلى إخوانك وأهلك واطلب عفوهم ومرضاتهم؛ فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ؛ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ»[13].
استرضاء أصحاب الفضل عليك: وابدأ بوالديك، واحرص على موافقتهم ورضاهم عن سفرك، وكذلك الكبار من رحمك؛ كأجدادك وأخوالك وأعمامك، وكذلك مشايخك ومعلِّميك وأئمتك، واطلب منهم الدعاء لك بالتيسير والقبول.
التوبة من كافة الذنوب
هذه الرحلة المجيدة لا تتكرَّر كثيرًا؛ ومِنْ ثَمَّ ينبغي التأهُّل لها بأفضل وسيلة ممكنة، وليس أفضل من التوبة من الذنوب والعودة إلى الطريق المستقيم، وهذا يجعل النفس مستعدَّة لاستقبال الرحمات الكثيرة في هذه العبادة الفريدة.
الاستعداد الإيماني
وذلك بتكثيف العبادات التي تُرَقِّق القلب، فيدخل موسم الحج وقد صفت نفسه، وسمت روحه، فعلى المقبل على الحج والعمرة أن يُكثر من الصلاة والقيام، وكذا من قراءة القرآن والذكر، وليتخفَّفْ من الدنيا، ويُكثر التفكير في الآخرة.
العلم
وهو خاص بالسفر إلى الحج أو العمرة؛ لكون الحج والعمرة من العبادات التي لا تتكرَّر كثيرًا في حياة المسلم؛ فإن معرفة المسلمين بأركان هذه المناسك وشروطها وأحكامها قد يكون أمرًا صعبًا إلى حدٍّ كبير، ومن هنا ينبغي على المسلم قبل الذهاب إلى هذه الرحلة المباركة أن يدرس هذه الأحكام بعناية، ويقرأ أكثر من كتاب، ويدخل على أكثر من موقع للإنترنت، والأهم أن يحضر دروسًا يشرحها علماء راسخون أَدَّوْا هذه الشعائر مرارًا، وعرفوا خبايا الأمر ودقائقه، وهذا سيُوَفِّر وقتًا طويلًا، وسيمنع جدلًا كثيرًا، وهو في كل الأحوال بركة ورحمة.
النفقة للأهل
على المسافر أن يترك النفقة لأهله ولكل مَنْ تجب عليه نفقته عند سفره؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: «كَفَى بِالمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ»[14].
توديع الأهل
يُسْتَحَبُّ للمسافر أن يُوَدِّع أهله ورحمه وإخوانه، وقال الشعبي: السُّنَّة إذا قدم رجل من سفر أن يأتيه إخوانه فيُسَلِّموا عليه، وإذا خرج إلى سفر أن يأتيهم فيُوَدِّعهم ويغتنم دعاءهم[15]. وفي التوديع سُنَّة مهجورة قَلَّ مَنْ يعملها، ألا وهي توديع المسافر بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم فعن قَزَعة بن يحيى قال: قال لي ابن عمر: هلمَّ أُوَدِّعك كما وَدَّعني رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَسْتَوْدِعُ اللهَ دِينَكَ، وَأَمَانَتَكَ، وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ[16]»[17].
المصدر:
كتاب الحج والعمرة أحكام وخبرات، للدكتور راغب السرجاني.
[1] أبو داود: كتاب سجود القرآن، باب الدعاء بظهر الغيب (1536)، والترمذي (1905)، وابن ماجه (3862)، وأحمد (7501)، وقال شعيب الأرناءوط: حسن لغيره. وابن حبان (2699)، وقال شعيب الأرناءوط: حديث حسن. والطبراني: المعجم الأوسط، (24)، وصححه الألباني، انظر: صحيح أبي داود، 5/262.
[2] مسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، (2708)، والترمذي (3437)، والنسائي (10394)، وابن ماجه (3547)، وأحمد (27166).
[3] أبو داود: كتاب الجهاد، باب ما يُؤمر من انضمام العسكر وسعته (2628)، وأحمد (17771)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح. وابن حبان (2690)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح. والحاكم (2540)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، وصححه الألباني، انظر: صحيح أبي داود 7/378.
[4] أبو داود: كتاب الأطعمة، باب في الاجتماع على الطعام (3764)، وابن ماجه (3286)، وأحمد (16122)، وقال شعيب الأرناءوط: حسن بشواهده. وابن حبان (5224)، والحاكم (2500)، والطبراني: المعجم الكبير، (18219)، وحسنه الألباني، انظر: التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان، 7/448.
[5] انظر: الأحكام التي تتغير في السفر: الموسوعة الفقهية الكويتية، 25/35-37.
[6] نهمته: حاجته ومقصده. النووي: المنهاج، 13/70، وابن حجر: فتح الباري، 1/99.
[7] البخاري: أبواب العمرة، باب السفر قطعة من العذاب، (1710) عن أبي هريرة، ومسلم: كتاب الإمارة، باب السفر قطعة من العذاب واستحباب تعجيل المسافر إلى أهله... (1927).
[8] انظر: الجزيري: الفقه على المذاهب الأربعة، 1/427-437، والموسوعة الفقهية الكويتية 27/273-280.
[9] انظر: الجزيري: الفقه على المذاهب الأربعة 1/438-442، والتويجري: موسوعة الفقه الإسلامي، 2/531-541.
[10] انظر: الجزيري: الفقه على المذاهب الأربعة 1/521.
[11] مسلم: كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين، (276)، وأبو داود (157)، والترمذي (95)، والنسائي (131)، وابن ماجه (552)، وأحمد (748)، وانظر في المسح على الخفين: الجزيري: الفقه على المذاهب الأربعة 1/125-156.
[12] انظر: الحُكْم التكليفي لأداء السنن الرواتب: الموسوعة الفقهية الكويتية، 25/276، 277.
[13] البخاري: كتاب الهبة وفضلها، باب هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها، (2449)، والترمذي (2419)، وأحمد (9613)، وابن حبان (7361).
[14] مسلم: كتاب الزكاة، باب فضل النفقة على العيال والمملوك وإثم من ضيعهم أو حبس نفقتهم، (996) واللفظ له، وأبو داود (1692)، والنسائي (9177)، وأحمد (6495).
[15] ابن عبد البر: بهجة المَجالس وأنس المُجالس، 1/246.
[16] أستودع الله دينك؛ أي: أستحفظ وأطلب منه حفظ دينك. وأمانتك؛ أي: حفظ أمانتك فيما تُزاوله من الأخذ والإعطاء، ومعاشرة النَّاس في السَّفر؛ إذ قد يقع منك هناك خيانةٌ، وقيل: أريد بالأمانة الأهل والأولاد الَّذين خلَّفهم. وقيل: المراد بالأمانة التَّكاليف كلُّها. وآخر عملك؛ أي: في سفرك أو مطلقًا كذا قيل. المباركفورى: تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، 9/284.
[17] أبو داود: كتاب الجهاد، باب في الدعاء عند الوداع (2600)، والترمذي (3443)، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه من حديث سالم. والنسائي (8805)، وسنن ابن ماجه، (2826)، وأحمد (4957)، وقال شعيب الأرناءوط: صحيح. وابن حبان (2693)، والحاكم (1617)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وصححه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (14).
التعليقات
إرسال تعليقك