ملخص المقال
في الحضارة الإسلامية عندما كان الأطباء مرتبطين بالشريعة الإسلامية، كانت هناك تطبيقات رائعة منها ما بدأه الرازي، وهو كتابة كتب تهدف إلى علاج الفقراء!
ارتبطت مهنة الطب منذ قديم الأزل بالرحمة والرفق بالناس والحيوان
ولكن للأسف تحوَّلت إلى تجارة في مناطق كثيرة من العالم، وغلبت عليها المادية، وظهر ذلك في أمرين كارثيين:
1- عدم الأمانة في العلاج (وسائل الإعلام)
2- عدم الرفق بالفقراء المرضى
في الحضارة الإسلامية عندما كان الأطباء مرتبطين بالشريعة الإسلامية، ويتقرَّبون إلى الله بمداواتهم للناس، كانت هناك تطبيقات رائعة
منها ما بدأه أبو بكر الرازي، وتبعه في ذلك كثير من الأطباء على مر العصور، وهو كتابة كتب تهدف إلى علاج الفقراء!
أبو بكر محمد بن زكريا الرازي، ولد في مدينة الري بإيران عام (251 هـ=865 م) وظل حجة الطب في أوروبا حتى القرن السابع عشر الميلادي.
من أهم أطباء العالم في كل مراحل التاريخ:
1- أول من أدخل المُرَكَّبَات الكيماوية في العلاجات الطبية،
2- أول من صنف مقالات خاصَّة في أمراض الأطفال،
3- أول من استعمل أمعاء الحيوان كخيوط في العمليات الجراحية.
4- أول من دوَّن ملاحظاته على مرضاه، ومراتب تَطَوُّر المرض، وأثر العلاج فيه،
5- أول من وصف الجدري والحصبة،
6- أول من صنع مراهم الزئبق.
7- أول من وصف عملية استخراج الماء من العيون.
8- أول من استخدم الأفيون في علاج حالات السعال الجاف
9- أول من أدخل المليِّنات في علم الصيدلة.
10- أول من عدَّ الحمَّى عرضًا لا مرضًا.
11- أول من كتب عن أخلاق الطب من خلال كتابه: "أخلاق الطبيب".
12- أول من تجرأ على نقد جالينوس، وألَّف كتاب "الشكوك على جالينوس".
13- مدير المستشفى العضدي في بغداد (أكبر مستشفى بالعالم: 50 طبيبًا)
14- من مؤلَّفاته: الحاوي في الطب،
في الواقع البداية في هذا المجال لم تكن للمسلمين، إنما كانت للأطباء اليونانيين:
القرن الأول الميلادي الطبيب اليوناني "رُوفُس الأفسيسي" (Rufus of Ephesus) ألف كتابين، هما: "من لا يحضره طبيب" و"في تدبير المسافر"، كما ألف الطبيب اليوناني الشهير كتابا بعنوان "مداواة الأسقام" والمعروف بـ"طب المساكين".
وألف الطبيب البيزنطي "فيلاجريوس (Philagrius)" كتابًا بعنوان "من لا يحضره طبيب"، القرن الثالث الميلادي وهذه الكتب مفقودة.
أبو بكر الرازي جعل الهدف هو الرحمة بالفقير، وليس مجرد التكامل في الحضارة بتوفير العلاج في كل مكان، وجعل الهدف من الرحمة هو إرضاء الله تعالى.
كتاب "من لا يحضره طبيب" كتاب كبيرٌ نسبيًّا، ويُسمَّى -أيضًا- "طب الفقراء والمساكين"، يقول في مقدِّمته: "لما رأيت الفضلاء والأطباء في تصانيفهم ذكروا أدوية وأغذية لا تكاد توجد إلا في خزائن الملوك، أحببت أن أجعل مقالةً وجيزةً في علاج الأمراض بالأغذية والأدوية المشهورة الموجودة عند العام والخاص، ليكون أحرى أن ينتفع بها الناس في مرحلهم ومرتحلهم".
"حسن الرأفة بالفقراء والمرضى حتى كان يُجري عليهم الجرايات الواسعة".
تبع أبا بكر الرازي في ذلك كثيرون:
1- ابن الجزار القيرواني: أول طبيب مسلم يكتب في التخصصات الطبية المختلفة، مثل: طب الأطفال، وطب المسنين، ولد في مدينة القيروان عام (285 هـ=898م)، وتوفي فيها عام (369 هـ=979م)، وقيل عام (400 هـ= 1010م).
من مشاهير الأطباء الذين اعتنوا بالفقراء، ولم يقبض أبداً من مرضاه قيمة العلاج والدواء بنفسه، وأنه لم يكن يتقاضى من الفقراء شيئًا، وكان يستقبلهم ويساعدهم.
وألَّف ابن الجزار كتاب طب الفقراء والمساكين وبين في مقدمة الكتاب سبب تأليفه كتاب فقال: "لما رأيت كثيرًا من الفقراء وأهل المسكنة عجزوا عن إدراك منافع ذلك الكتاب (يقصد كتاب زاد المسافر وقوت الحاضر) ... لفقرهم وقلة طاقتهم عن وجود الأشياء التي هي مواد العلاج.. رأيت عند ذلك أن أجمع لمحبي الطب الأدوية التي يسهل وجودها بأخف مؤونة وأيسر كلفة، فيسهل عند ذلك علاج العوام على الأطباء، من أهل الفقر والمسكنة منهم، بهذه الأدوية التي جمعتها من كتب جالينوس وديسقوريدوس وبولس وغيرهم من أفاضل الأطباء".
2- أمَّا "ابن الأكفاني" محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاري [1]، فقد ألَّف كتابًا مهمًّا في طب المساكين هو "غنية اللبيب في غيبة الطبيب"
3- "جمال الدين يوسف المقدسي الحنبلي"[2]: كتاب بعنوان "طب الفقراء".
هذا توجيه نبوي عظيم:
في مسند أحمد وهو صحيح عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: أَمَرَنِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ: "أَمَرَنِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ، وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي، وَلَا أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي..".
وهي وصية رب العالمين لنبيه الكريم إذ قال له كما روى الترمذي: يَا مُحَمَّدُ، إِذَا صَلَّيْتَ فَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ المُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ المَسَاكِينِ، وَإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ.
العلاقة مع رقة القلب واضحة ومباشرة:
البيهقي عن أبى هريرةَ، أنَّ رَجُلًا شَكا إلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَسوَةَ قَلبِه فقالَ: "إن أرَدتَ أن يَلينَ قَلبُكَ فأَطعِمِ المَساكينَ، وامسَحْ رأسَ اليَتيمِ".
[1] كان طبيبًا، وعالمًا بالفلسفة والرياضيات والكيمياء والفلك، وأشرف على خزانة العقاقير والأدوية في البيمارستان المنصوري بالقاهرة، توفي عام (749 هـ).
[2] هو جمال الدين يوسف المقدسي الحنبلي، الدمشقي المعروف بابن المبرد (909هـ= 1503م) كان من فقهاء الحنابلة من أصل مقدسي، لكنه نشأ في دمشق، له الكثير من الكتب في الطب، منها: "هداية الإخوان لمعرفة أدوية الآذان" و"الإتقان في أدوية اللثة واللسان".
التعليقات
إرسال تعليقك