جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
تنصيب شيخ شريف شيخ أحمد – الرئيس السابق لاتحاد المحاكم الإسلامية – رئيسا للبلاد مازالت بعض الفصائل تعارض نظام الحكم
يمر الصومال الشقيق بمرحلة تاريخية حاسمة من تاريخه، بعد تنصيب شيخ شريف شيخ أحمد – الرئيس السابق لاتحاد المحاكم الإسلامية – رئيسا للبلاد. لكن هذا البلد المسلم يأبى على الاستقرار منذ الاستقلال عام 1960م ، فرغم حسم الأوضاع للإسلاميين هناك، وإقرار الحكومة الصومالية (بالإجماع) لتطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد، مازالت بعض الفصائل تعارض نظام الحكم، بل وتعتبره مرتدا عن الإسلام، بل سيطرت على بعض المناطق لتقيم فيها دولة داخل الدولة الممزقة أصلا والتي لا تحتمل تفتيتا كما حدث في كيسمايو!
وكثر الجدل حول علاقة النظام الجديد في الصومال بالولايات المتحدة الأمريكية خصوصا والغرب عموما، خاصة بعد أن خابت التوقعات بتدخل أمريكي لإسقاط أي نظام إسلامي هناك. استعرضنا مع الدكتور محمد علي إبراهيم ـ وزير الشئون الإنسانية الصومالي ـ هذه القضايا وغيرها من قضايا الهم الصومالي وما أكثرها .. فإلى تفاصيل الحوار:
*هل من وصف سريع للأوضاع الإنسانية الحالية في الصومال؟
هناك نصف مليون الى مليون صومالي قتلوا خلال الحرب الأهلية من إجمالي 10 مليون نسمة هم إجمالي عدد سكان الصومال، وهناك حوالى 250 ألف جريح، والمعاقون على اقل التقديرات 33450 ونصف العاصمة الصومالية مقديشيو مدمر والنازحون 1.5 مليون صومالى موزعين كالتالي: 70% منهم نزوح داخلي و25 % هجرة الى الخارج، والذين هلكوا أو ماتوا أو نجوا من البحر 5%. وبعض المستشفيات بها مرضى منذ منتصف السبعينيات يعالجون من الإمراض الصدرية.
*ما المطلوب من المنظمات الإغاثية والحكومات العربية والإسلامية لمساعدة اهل الصومال؟
المطلوب أطباء من كل التخصصات إضافة إلى الإداريين، ومطلوب من الحكومات بصفة خاصة رجال الأمن لتدريب الشرطة والجيش.
* ما هي القوى التي تسهم في الفوضى على أرض الصومال ؟
الصومال أصبحت كهفا لأمراء الحرب الإرهابيين، كما ان هناك قوى معارضة مثل الحزب الإسلامي بقيادة د.عمر إيمان أبو بكر، وهناك حركة شباب المجاهدين، وهذين الفصيلين نحاول أن نقوم بالمصالحة معهما، فاختلافنا معهما اختلاف أراء وتوجهات. إن الحكومة تمد ايديها لإخواننا الذين خالفونا في الرأي والاجتهاد، ونقول لهم: "تعالوا نتعاون معا من اجل التمكين للإسلام وتحقيق الحرية والسلام الذي سعينا إليه وجاهدنا من أجله".
* ما هو مصير اتفاق جيبوتي؟
هناك حاليا حكومة وحدة وطنية، والبرلمان أصبح مكونا من 500 نائبا، وعندنا أمل أن تنجح الحكومة التي شكلها الرئيس شيخ شريف احمد برئاسة الرجل الفاضل د. عمر عبدالرشيد شارمارك.
* كيف تفسرون الترحيب الأمريكي بحكومتكم خاصة وان البعض اعتبر ذلك رضا أمريكي عن توجهاتكم وربما تنسيق معكم؟
أمريكا كانت تدعم تحالف محاربة الإرهاب وإعادة الاستقرار وهو تحالف كان مكونا من أمراء الحرب وأعداء الإسلام، ولكن عندما فشل التحالف قبلت أمريكا بالأمر الواقع، ونؤكد أننا سنتعاون مع أي دولة- وأولها أمريكا- إذا كان ذلك في مصلحة الصومال.
*ما هو موقف حكومة شيخ شريف من جمهورية ارض الصومال (بونت لاند)؟
نعلم ونقدر ما عاناه إخواننا في ارض الصومال من قبل ونقدر حالة الاستقرار التي نجحوا في فرضها في ارض الصومال وعندنا استعداد أن نقبل منهم كل شيء على مائدة التفاوض إلا الانفصال وتقسيم الصومال.
*ما هو تفسيركم لظاهرة القرصنة في البحر الأحمر التي يقودها صوماليون؟
هناك قوى أجنبية تقف خلفها لأسباب خاصة بها، خاصة عندما تأكدنا أنها ليس لها علاقة بالإسلاميين في الصومال. بدأت القرصنة عندما استغلت أساطيل دول أجنبية غياب الدولة في الصومال وقامت سفنها بتجريف البحر وحرمت الصيادين من مصدر رزقهم كما قامت بعض السفن بإلقاء النفايات فقام الصيادون الصوماليون كرد فعل طبيعي على ذلك بالدفاع عن شواطئهم ومصدر رزقهم، وعندما تولت المحاكم الصومالية شئون الصومال عام 2006 اختفت الظاهرة لأننا كنا نعرف من أين يأتي هؤلاء، وبعد سقوط حكم المحاكم ودخول القوات الإثيوبية الأراضي الصومالية ظهر القراصنة مرة أخرى. القراصنة لغز، ولكن مع استقرار الأوضاع سيتم التخلص منهم بإعطاء المحاكم فرصتها مرة أخرى.
معظم القراصنة من بونت لاند، وأمريكا ليست عاجزة عن التخلص منهم. ولكن احد أهداف السكوت عنهم هو تدويل البحر الأحمر وهذا ضرر للأمن القومي العربي، ويجب دعم حكومة شيخ شريف للتخلص من القراصنة وتقوية الدولة الصومالية ومنع تدويل البحر الأحمر.
*ما موقفكم من فتوى الشيخ أسامة بن لادن التي حكم فيها بارتداد شيخ شريف أحمد وحكومته؟
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما" وهي سترتد على بن لادن ان شاء الله.
* كيف ترون الوضع السياسي والأمني في الصومال الآن؟
استطيع أن أقول أن أكثر من 75 %من المشكلة قد حلت, فقد أصبحت العاصمة آمنة ومستقرة بعد سيطرة اتحاد المحاكم والتي يدعمها الشعب الصومالي. فهذا الوضع قد أنعش آمال الشعب الصومالي من جديد وانصب الاهتمام الدولي على الصومال. فقد بادرت المم المتحدة إلى طرح هذه المسألة بجدية، وأصبحت الأطراف تتجه إلى حل هذه المشكلة". نحن نقدم على تطورات جديدة في الساحة الصومالية اعتقد أنها ستكون حاسمة وستكون نهاية المشكلة الصومالية بإذن الله. الذي نسعى إليه هو إعادة الدولة الصومالية التي استقلت عام 1960 على أسس سليمة وعادلة, وأركز على كلمة عادلة. وأود أن نطمئن العالم, لن تكون هناك توجس من القوى الجديدة وأنها ستكون فاتحة خير على الإخوة الصوماليين. ومرة أخرى أدعو الأمة الإسلامية لمساعدة الشعب الصومالي فالمسلم اخو المسلم.
* هل يمكن أن تنجح المحاكم فيما فشل فيه السابقون بإعادة الاستقرار والدولة إلى الصومال؟
ما حدث في الصومال يعتبر ثورة شعبية إسلامية يقودها اتحاد المحاكم الإسلامية الذي يجمع هذه الشرائح من مختلف الاتجاهات الإسلامية، وهذا نصر ساقه الله لأهل الصومال وذلك بعد أن انسدت كل الطرق. بعد سقوط النظام السابق الجبهات لم تكن لها برامج، وكل جبهة تريد أن تنفرد بالحكم، وكثرت الانشقاقات حتى داخل الجبهة الواحدة، والتدخلات الأجنبية لم تنفع واستمرت معاناة الشعب الصومالي لمدة تربو على خمسة عشر عاما، وكانت هناك تدخلات أجنبية مثل العملية التي سميت ( إعادة الأمل ) بقيادة الولايات المتحدة في العام 1992م وباءت بالفشل، والمنظمات الدولية كانت تحاول جمع الفرقاء، وعقدت عدة مؤتمرات مصالحة آخرها ما تم في نيروبي، وتمخضت عنه حكومة هزيلة لا تمثل شيئا، لكنها أخذت الاعتراف الدولي، والله تعالى أراد أن يفضحها، وأربعة وزراء في الحكومة حملوا السلاح في وجه شعبهم وأرادوا أن يبيعوا شعبهم في سوق النخاسة، ولكن الشعب الصومالي أبى ذلك وطرد لوردات الحرب، والآن يتجولون خائفين، وبعضهم هرب للخارج، لأنهم أرادوا إبادة شعبهم بحجة مكافحة الإرهاب، وقد انخرطوا في ذلك طمعا في المال. وعندما قام الشعب قومة واحدة في العاصمة مقديشو بقيادة المحاكم الإسلامية، جاء نصر الله تعالى ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [7 ـ محمد ]وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [47ـ الروم هؤلاء الشباب الذين ترونهم وأمثالهم لم يكن لهم عتاد، وكان إذا توجه عشرة منهم بأسلحة خفيفة إلى عشرين آخرين مدججين بأسلحة ثقيلة يهرب هؤلاء العشرون منهم رغم أسلحتهم التي تفوق أسلحة الشباب، وهذا النصر لا بد من المحافظة عليه، وهذا الشباب أبشركم.. صفه واحد وفي خندق واحد، وقد رأيتم المظاهرات التي خرجت في الصومال لتأييد المحاكم الإسلامية، والحمد لله حققنا كثيرا من الانتصارات العسكرية والسياسية، وكان الناس يتوقعون أن نكون مجموعة متطرفة ومتشددة لا تتفاوض مع أحد ولا نحمل فكرا سياسيا، لكننا أبدينا حسن نيتنا وبراعتنا في الأخذ والرد، وتم الاتفاق على مبادئ عامة يمكن الانطلاق منها مع الحكومة المؤقتة حتى لا نتيح فرصة للتدخل الأجنبي, ولا نرفض أي جهود لإصلاح الصومال، ، ولا نرفض الصلح الذي يحفظ البلاد، والأعداء يخططون لمنع أي حكومة إسلامية في الصومال، ونحن لن نكرر التجارب المريرة، ونريد أن نكسب المكاسب العظيمة بأقل قدر من الخسائر، وإخوانكم يطلبون منكم الدعاء والدعم المعنوي والمادي، والشعب الصومالي سيخرج من هذه المحنة مرفوع الرأس إن شاء الله تعالى.
*هل هناك منظمات إغاثية عربية تعمل أو تسعى للعمل فى الصومال؟
بالطبع هناك منظمات عاملة ولكننا نريد مزيد من العمل الإغاثي العربي والإسلامي لمعالجة أثار غيا ب الدولة منذ عام 1991. وقد قمنا مؤخرا بتوقيع اتفاق تعاون بين الصومال وإتحاد الأطباء العرب برئاسة الدكتور ابراهيم الزعفراني أمين عام لجنة الإغاثة والطوارئ بالاتحاد يقضى بتقديم المساعدات الإنسانية والطبية للشعب الصومالى واستقدام أطباء عرب وإداريين إلي الصومال.
التعليقات
إرسال تعليقك